الأحد، 12 أغسطس 2012

اروى


جاءها صوت الصديق يحكي عنها ...

لا بل هّمّ بالحكي عنها .. لكنه توقف ليسألها .. أتعرفها ؟

                                                                    ... أتعرف " اروى " ؟

لم تشأ أن تكون إجابتها بالنفي هيّ الحافز له ليسرد لها عنها ...

أو عن حياتها ما قد يُفسد موتتها .... و هيّ كل ما تعرفه عنها ...

فكانت إجابتها :- نعم .. أعرفها .

إستمر يردد اسمها  مُتصوراً لحظات تحليقها في الهواء سقوطاً ..

مُوضحاً كونها كررت مُحاولات الرحيل أكثر من مرة قبل أن تتوصل لفكرة  " الطيران " .

و عندما إستطرد ليقولها لها حية ... قال عنها أشياء لطيفة - بخلاف ما تخوفت

أن تعرفه منه - لكن تعليقاته جاءت مُختصرة فهي - للأسف - قد سبق و أخبرته

أنها تعرفها ..!!

كم تمنت أن تتراجع عن إجابتها السابقة تنفي له حقيقة أنها تعرفها ، لعله يتراجع عن تعليقاته المُختصرة  !!!

خاصة حين أخبرها أنه قد رأها بنفسه مرتين في الأسبوع ذاته الذي رحلت فيه ...

كم تمنت أن يستطرد فيقول لها .. كيف بدت ؟

                                                     كيف ضحكت ؟

                                                      كيف نظرت للأخرين ؟

                                                       و متى ومع من قررت الإنسحاب ؟!



وطوال فترة ما بعد الظهيرة و أثناء بحثي عن أفكار لمشاهد كوميدية ضاحكة ..

تخللتها روائح الأرز الذي طلبه زوجي ، و إستغاثة طفلي بي في مُشاحناته مع إبنة حارس البناية المراهقة تحاول التملص منه لتُنهي أعمالها المنزلية قبل أن يحين موعد المسلسل ... ومُهادنتي لهما - لتلعب معه قليلاً - بمشروب مثلج في أكواب بلاستيكية

مُزينة بروسومات أفلامه المُفضلة  ..

يأتيني صوت أمي عبر الهاتف مُعاتباً لتأخري في السؤال عنها .. تذكرني بـ " سبوع " الحفيد الأول لأخيها في اليوم التالي في مقابل أن تتركني اليوم وتذهب بمفردها لزوجة صديق أبي المريضة والتي لم تعرفها أو تزورهم من قبل و لكنه إتصل اليوم و سألها عن تليفون أبي الخاص ... قالت لي :- اطلبيه .. لقد بدا حزيناً وسأل عنك .

فلم أخبرها أن أبي حين رد على مُكالمتي هذا الصباح قال لي

                                                      :- اطلبيه .. فلقد سأل عنك

                                                          و قال أيضاً أنه بكى ....



 إستقرت مُفترشة أوراقها المُبعثرة على الأرض ... تحتل مكان السرير الخالي إلا من علامات ثُقله و التي حفرت مكاناً لها - رغم إختفاءه الآن - طوال أربع سنوات هيّ عمر إستقراره و إستقرارها هنا ... و كانت قد رأته أخر مرة منذ دقائق مُستقراً مع أكوام الكتب المُبعثرة و المُتراصة على الأرفف ... فأغلقت عليه باب حجرة المكتب حتى لا يتسرب هواء الغرفة الوحيدة المُكيفة فتزعج حرارة الجو أم زوجها  و التي عادت للإستسلام للنوم مغلقة عينيها المريضة و المُعافاة على السواء على قطرات الدواء التي وضعتها لها لتوها كما تفعل كل ساعتين ، لتخرج في طريقها لحجرتها يصحبُها صوت المذياع هذا الصوت الذي لا يتوقف عن ترديد أصداؤه في المنزل طوال ثلاثة أشهر هي عمر إستقرار أم زوجها معها !!!!



وحينما نقلت بصرها ... بين أرجاء صفحات الورق الأبيض الخالي ... لم ترى غيرها

" اروى" كان هذا اسمها تلك التي حلقت من الدور العاشر للبناية ...

            كان هذا ما قاله صوت صديقها عبر الهاتف مُتسألاً بأشباه إبتسامة

                                      :- كيف نظرت لإسفل و إستطاعت أن تقفز ؟!

فوجدت نفسها تُخبره (مؤكدة له من حيث لا تدري وهم أنها عرفتها تلك الأروى التي رأها  مرتين تضحك في نفس الإسبوع الذي إنتحرت فيه )..

جاء صوتها يُخبره ..        :- كم سيكون الأمر ساذجاً أن تتصور أن من يقرر الطيران ينظر

                                        لأسفل ..فالطيور تطير مُتطلعة للسماء .. وليس للأرض !!

فهُيئ لها أن صوته كان مُبتسماً ...

فلقد كانا يبحثا معاً عن أفكار لمشاهد كوميدية ضاحكة ... !









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  وحدها الهزيمة ترشق الأسئلة بلا رحمة في قلب الحلم ... (حوار المبتسرون لأروى)








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق