لي صغير يكبُر ... لكن ليس بمفرده ، فأنا بدوري أكبُر
أيضاً
أعلمّه ..ما لم أستطع أن أتعلمه ، فأتعلمه
أظنني أعي الدرس جيداً .... أن أكبُر بجواره .
لا أملك أن أثبت الصورة ...
لا أريده أن يجدها قديمة وباهتة لو كّبُرّ وحده ..
لكن لو إستمريت في النمو مثله تماماً
ربما ستحتفظ صورتي وسط قدمها بطّازّجة ما !
تمتد يد الصغير و آذرعه مُحلقاً في فضاء خيال يسّعهُ
يحاول إشراك أمه التي صحبتهُ اليوم في رحلة ذهابه
الصباحية ..
:- إفرديها ....
إفرديها فووووووووق..
تعثرت آذرع الأم بسقف السيارة المعدني ...
فغُلفت إبتسامتها بما قد يعتريك حين تُصبح طيراً أوشك
على إتمام عامه الثلاثين !
لاحقها الصغير مُحمساً يُريها كيف ترك جسده يهتز مع
إنحناءة الكوبري العلوي هابطاً بهما لحيث إستعادت السيارة و السائق خط طريقهم
الأفقي الممتد ...
لم تجد حينها إلا أن تُخبره كم هيّ رائعة لُعبته
ولكن أمه - كما رأى - لها آذرع أكبر من أن تمتد في فراغ
تاكسي معدني !
:- أتعرفين ... رائعاً
حقاً أن أكون طائراً ..
صاغ صغيرها جُملته بالإنجليزية كعادته حين يقرر أن يكون
الحوار يخُصهما
- فيما يعتقد - دون الأخرين ..
لكن الحوار عن فكرة الطيران مع صغيرها .. حواراً لم
تُمانع أن يخُصهما
فأمه لم تزل ترى أن الرائع ... هوّ أن تكون طائراً .
تأملتهُ مُمتنة لنعّم سنواته الخمس ... فشجعتهُ نظراتها
أن يُكمل
أنه .... و بالرغم من ذلك ...
:- لا أريد أن أكون طائراً .
إضطربت طُمئنينةحلمها المؤجل دوماً ... تُنصت له مُكملاً
أنه حين فكر أن يكون طائراً .... هكذا صاغ جُملته
وجد .... صغيرها هيّ
أنه سيكون ....مُعرضاً دائماً لخطر الإلتهام !
:- لو أصبحت عُصفوراً مثلاً .. لابد أن هناك قطة ما ستلتهمني
حتى لو أصبحت طائراً أصغر .. حشرة
الضفادع تعرف كيف تلتهم الحشرات !
تبعثرت سنوات عمرها مصدومة بيقين إكتشافه و بديهيته ..
و يبدو أن تعبيرات وجهها جعلته يوضح ...
:- أعرف أيضاً إنني من الممكن أن ألتهم في صورتي تلك
و لكن لكي يحدث ذلك عليّ أن أتواجد في غابة ما
حيث يوجد أسد متوحش أو نمر ضخم !
اليوم عرف صغيرها ...ما لم يُخالط إيمانها بفكرة الطيران
يوماً من قبل !
عرف إنه في مُقابل أن يخسر حرية الطيران ..سيكون على الأقل
أقل عُرضة لأن يُلتهم ....
لم أملك ما أجيبكّ به صغيري ..
فكما قلت أنت .. على الأقل أعرف الآن أنكّ ستكون
آمناً....
اما أنا فلا أملك إلا تعليقاً مراثياً ... ( عصفور عبيط أنا ....هنزل هنا
وإنشاله يلهفني فخ
عجبي
) !