سرحان
الهلالي ..
صاحب فرقة
الهلالي و مدير مسرحها .. فهو مالك الخشبة و مديرها ... أي الروايات تُعرض .. و
أيهم لا
أي الشخصيات
تنطق .. ايهم ثانوي و أيهم بطل ..
وحده سرحان
يقرر مصائر أبطال فرقته و حيواتهم .. داخل المسرح و خارجه
يطل لسرحان ذراع و يد من كل جحر و ماضي تنبشه
الحكايا ..
سرحان قال
... سرحان فعل .. سرحان قرر .. سرحان كان
كان سرحان
وحيد الأب الثري و وريثه
كان سرحان
صديق مراهقة طارق و رفيق الغواية
كان سرحان
غواية حليمة
كان عثرة كرم
المؤلف المسرحي الذي حبس بــ " الكمبوشة "
سرحان من وصم فُتنة بالجنون .. من أسر درية في
البطولة ..
من لعب
بأحلام تحية .. وبدد آمان عباس
سرحان
الهلالي وحده من يملك الخشبة ، و وحده يحرك عرائسها بخيوط دائما ما تنتهي لأصابعه و
تشير إليه
سرحان كان ..
سرحان فعل .. سرحان قرر و قال
قرر سرحان أن
تُعرض الرواية فلتكن اللعبة هذه المرة على الملأ
قال : و لما
لا ... النص شيق .. مرعب .. فاضح و ربحه
وفير
قال : عباس
موهوب .. و نحن جناة .. فلنكتب لوليدنا " أبناً " بنجاح عمله حياة
لما لا ..
و لنكن نحن هذه المرة الجمهور و الرواية و
الحواة .
طارق رمضان ...
ناديته
غلاماً : انزل
قال : الباب
مغلق ، و المفتاح مع أبي .
فوجدت وسيلة
و أخرجت سرحان .. و ياليتني ما أخرجته.
فالمارد لم
يعد للقمقم .. وصنيعي مراهق لم يكن سوى نقطة بداية لحكاية غير ما ظننتها الحكاية .
كبر المراهق
و صديقه الثري ..
طرد المراهق
من منزل أبيه و أخوته منبوذا .. وحيد أم ماتت و أشقاء رحلوا برحيلها .
شب المراهق
.. فارس الحكايا الحالمة و أمير صبايا المنطقة الارستقراطية و بطل المسرح المدرسي
: ممثل مسرحي
و بطل ..
ضحك صديق
صباه الثري
: سأفتح لك
إذا مسرحا
: ستمثل معي ؟
ضحك الصديق
مجددا
: و لما لا
.. ربما و لكن أظنني أفضل أن أملك مسرحي
ضحك غلام
صباه طارق و محرر قفصه
:و من أين
لنا بالمال .. مفلس أنا و وكلانا في دراسته متعثرٌ
: سأرثه لأبي
.. ان لم يكن اليوم فغدا ..
و ورث أبيه و طردت من معاش أبي
ملك مسرحاً
.. و ظللنا صديقين
مدير مسرح ..
و ممثل ثانوي .. يا ليتنني ما أخرجته
له المال و
لي الخمر .. و بقايا القصص
له الأسم ..
و لي سبة العربدة و السهر
: كفاك ضجراَ
.. أقبل بالحلول الممكنة
ماذا تراك
كنت فاعلا إن لم أهب – لنجدتك – أنا
.. هناك ، هنا
: الباب مغلق
..
أجبته
ضحك ..
: و مفتاحك بات
الأن يا طارق معي .
حليمة الكبش ...
: هكذا
يكونون أولاد الأصول ..
قالت أمي
ماتت أمي ، و
لم تعلم ..ما فعله أولاد الأصول بنسلها ..
قال : الله
جميل يحب الجمال
قال : أنك
تعويذة الفرقة و تميمة حظها يا حليمة
الأنفاس
الحارة .. صوت المزمار .. هُزمت إرادتي .. شعاع الشمس ... و إله الشر مُجلجلاً
تراجع طارق
عن نجدتي ..
قلت : كان
يجب الا أخبره
تقدم كرم
لخطبتي
قلت : خفت أن
أخبرك ..
عباس في
لفافة المهد ..
: كن ملاكاً
: سينتصر
الخير في النهاية يا أمي
: كن ملاكي
..
من كان يتخيل
تلك الحياة مصيراً لحليمة الجميلة الطاهرة ؟
لقد جعلت مني
شيطان مسرحيتك يا عباس
الشر يعرفه
المزمار
و مسرح
الهلالي يشهد عذابي و حبي
: زوجك رجل
لا مثيل له بين الرجال و الا لطلقتك ليلة الدخلة
على مسرح
الهلالي و تحت قبته العالية تُسمع شعارات الخير و ينتصر الطيبون و الأشرار ينهزموا
..
و على مقاعده
الوثيرة تسفك دماء الأبرياء .... و يرفع الستار عن البيت القديم
: إنك تقتلني
يا عباس
أقول
و تقول أمي
: هكذا
يكونون أولاد الأصول ..
ما أسهل أن
يضيع الأبرياء يا أمي ..
و الناس
يصفقون .. الناس يصفقون .
كرم يونس ...
: لا يهمني
الماضي ...
حتى تلك
سرقها مني ..
لا يهمني
الماضي ..
جملتي أنا و
ليست جملة إبنك يا حليمة .. جملتي وحدي و ليست لأحد سواي .
ألقن الأحياء
على الخشبة حواراتهم .. مدفونا في الجحر فيما بين الخشبة و المقاعد .. لا أحد
يراني
لا يهمني
الماضي
كن شيطاناً
يا بني
فالشرير وحده
يعرف كيف يهزم شياطينه
كن حرا
كن وحيدا
يا ليتك قتلت
أمك
: إنك قاس و
شرير
تقول حليمة و
تٌضيف
: إنني ضحية
أمك تلعب بي من وراء قبرها ..
صامتاً ..
ألقن جسد أمي
العاري الشهادتين .. و أكفن عهرها
لا يهمني
الماضي
ان زوجك رجل
لا مثيل له بين الرجال
إني مدين لها
بكل شئ ..
ها هو الستار
يُرفع عن بيتنا .. بيتنا دون غيره
: حتى طارق
... يا لك من امرأة فذة !
إني مدين لها
بكل شئ
قال سرحان :
عباس موهوب
قال طارق :
عباس قاتل
قالت حليمة :
إنه ملاك
قلت : إنه
سارق ..
مؤلف زائف
يسرق الحقيقة بلا حياء
المسرحية
تنكل بي و تنتقم لي
في لحظة
الفضيحة هذه أنعم بالإنتصار على الأم و الأبن معاً
لست كذلك يا
غبي
أيها الزملاء
الأحرار اشربوا نخبي أنا
و نظر
الهلالي نحونا ... و لكني سبقته رافعاً كأسي
: نخب المؤلف
الغائب
لست كذلك يا
غبي
لم أستو مُركباً
لكي أنحل
ينظر الهلالي
..
إنه يقدمني
كرجل منحل
لا يهمني
الماضي
تلق مني بصقة
في مهجرك الأبدي
رفعت كأسي ..
: نخب إبني
المؤلف الغائب !
فُتنة ...
من المفترض
أن أصعد خشبة الهلالي .. نجمة كالحلم
يقول النص
ألا أخبركم بغير لوعة بطلاته و قصص حبهن .. موت و صراع
يقول النص
ألا أخبركم بغير صورة تُصدقونها فتنة تسر الناظرين
و تسوء
العاملين .. و الأقربون أولى
يقول النص ..
شريرة فتنة
أقول بغير نص
.. مسكينة أنا .
هاربة من ماض
في بلادي شبه البعيدة
أختبئ في
مسارح لهجة شبه القريبة
فتنة تسر
الناظرين
فتنة هاربة
بإرث زوج يكبُرها .. ظنته جنة فبات جحيماً
جحيم جنون
... و أسوار مشفى و مُخدر يذهب ببقايا عقل يُمحيه
مجنونة يقول
متى يشاء .. فأمسي بالحبس
عاقلة يرى
متى يشاء .. فأصبح في البيت
أمسي و
أُصبح .. أرملة .. أرث .. أهرب ... أركض
تصعد أقدامي
درج المسرح .. يتلقفني الهلالي بعوده الأخضر و بقايا ورثه الضئيل
غرٌ ..
يتلقفه ذكائي و حنكتي .. أملك الخشبة لوهلة
أسلبه الخشبة
بلعبة ..
أصدق كذبتي و
أماني ..
فيطل الماضي
بوجهه يراني .. أمحيه .. سلاحي فتنتي
و لكن الشبح
يعود للظهور
مجنونة فتنة
.. تصرخ على كالوس ..
: إنها هناك
.. أترونها .. ؟
أصرخ ..
: درية شبح
الماضي واقفة هناك
تضحك المقاعد
.. و يُغلق الستار
أود لو أصرخ
.. و لكن المخدر يشوش القرار
وجوه تتوالي
و أصوات أشباح في عقلي يخبرونني
خُدعت يا
فتنة .. استرد سرحان خزنته ... خُدعت يا
فتاة .
و ماذا عن
كرم ؟ اسأل أصواتي
فلا يُجيب
صوت بغير الصمت
خُدعت يا
فتاة .
درية ....
: أأخبرتكم
أنني شبحها .. ؟
أقهقه ملء
فمي .. أخفي عنكم دموعي و جرح رحيل أمي الغائر ، بفقرها و حاجتي .
: أأخبركم
بحقيقته الشبح ؟ شبح ظهر في الكالوس لزوجة أبي الراحل
أنه أنا ..
حية أرزق , أقف هنا على خشبة الهلالي أمامكم
درية النجار
.. بطلة الفرقة المسرحية
بطلة
زائفة لخشبة مسرح و ستار
بطلة .. و
وحيدة حتى الفزع
: لا أحد
هناك ..
قلت لأمي و
قد عدت للتو من قصر كان لأبي
سألت و هي
تكتم صرخة تليق بزوجة حمول
: أرحل أبيك
تقولين ؟
: لا بل أقول
ليس أبي بمفرده من رحل
أكمل .. رغم نحيب أمي
: رحل أبي و
البيت .. و العز القديم يا أمي بلا عودة رحل
تبكي .. أبكي
مات أبي و
ترك أرثه راضيا لزوجة أبي المجنونة
وحيدتان نبكي
: لا أحد
هناك
وحيدة أبكي
.. رحلت أمي
و لم يعد أحد
هناك .
: أأخبرتكم
أنني شبحها و وحيدة زوجها ؟
أأخبركم
بدوري و قد باتت الأن خشبة الهلالي لي
أأخبركم أنها
شبحي .. فتنة أصابت قلب أبي
خرجت أمي من
قصرها مُطلقة .. و دخلته فتنة بجنونها " عروس " .
مات أبي
ماتت أمي ..
: لا أحد
هناك ..
: سأنتقم ..
أجبت الملقن و قد أتى لبلادي يسأل عن سرها و أصلها
: سأتي معك
.. سأنتقم
هرب .. فلحقت
به و بها ..
و في صرح
الهلالي و في واجهة مدخله رأيت صورتها لامعة ، براقة .. تخطف أنظار الرجال و تسرهم
هكذا إذا
غررت بأبي
زيفت جنونها
.. زورت توقيعه .. حرمت أمي .. قتلتها .. و قتلته .
فلتغرق بماضي
كذبتها .. جنون يشهده روادها ..
: سأنتقم ..
قلت ..
: سأنتقم ..
قال الهلالي
: سأنتقم ..
قال كرم
و لم يعترض
طارق طريق إنتقامنا ..
و كان لنا ..
جميعا وعد بالثمن
ما أكثر ما
يخلف سرحان بوعوده
و لكن ليس
معي
ها أنا أقف
أمامكم و قد مٌنحت بطولة مسرحه
نصف وعد
مٌنحت
أما النصف
الأخر .. فقد خلفه
جرحني
جرحته
خانني ..
فخنت
كل ليلة أحصل
على نصف وعد و خيانة
راضية منه
بمسرحه
و لكن من هي
تلك المستبرئة التي يجرؤ أن يسحب من تحت أقدامي البطولة تحية لها
: سأنتقم ...
: من تحية ؟
سألني ..
: لا ..
أجبت
: سأنتقم
منك أنت يا سرحان .
تحية عبده ..
ها قد جاء
دوري أخيرا .. وقد طال بي الإنتظار في الجزيرة الوسطى بين البطولة و الصامت من
الأدوار
جاء دوري
تدفعني الصدفة و تعنت بطلته .. دفعني سرحان للمقدمة .. تاجر يؤدب سلعته القديمة بسلعة جديدة
و لكل سلعة
ثمن .. و لكن قانون مسرحه أن تدفع السلعة الثمن .. و لا يدفع هو شئ
كنت أود أن
أقف هنا أمامكم أحدثكم عن صدمتي ... عن براءة تُجرح ... عن تحية الغرة تقع في
حبائل الشر و تعلق أقدامها بشباك الخطيئة
.. تبكي .. كم وددت أنا أقف هنا أمامكم أبكي
و لكنها
دموعي كانت من أعمار ، أعمار طويلة فنت .
( ملحوظة
نصية تقترب تحية من المقاعد تُخبر بشر الصالة
الفسيحة و إناسها بتنويه حيوي و مبرر لتغيير آت في اللغة )
: كم كنت أود
أن أمتلك وهج لغة المسرح و جلاله و لكنكم كما ستعرفون مني بعد لحظات لا أنتمي
بالمطلق لبشر الخشبة لأملك ناصية لغتهم ... بل .. مكاني الحقيقي مقعد شاغر بين
صفوفكم .. لي مقعد شاغر بينكم يفرض لغته و ماضيه ..
فهل تأذنون
لي أن أعود لمقعدي في الصالة ..
( ترتفع
الهمهمات ... من الجمهور .. ولكن تحية تهبط الدرج واثقة تاركة الخشبة وراءها بلا
ممثل .. يتوتر المخرج ..
يندهش الناقد ... يرحب الجمهور .. تضاء الصالة
.... يختفي المؤلف .. و سرحان يومئ برأسه و بإشارة من يده فترخى لها حبال النص .. قليلأً )
: أنا تحية
..
تـحـيـة
الوسطانية .. اللي لا فوق شافوها ، و لا اللي تحت سمعوها
تــحـيـة
اللي لا هى الأولانية ...... و لا هى الأخرانية
تـحـيـة بنت
بـدريـة .. اللي لا هى سنية , و لا هى علية
:- أنــا تـحـيـة
تحية اللي
الصدفة وحدها خلتها تعرف و تشوف بعنيها مين عبده ؟ تشوف بعينيها أبوها
تحية اللي
لأنها بالصدفة شافت ، أمها عاقبتها من يوم يومها كأنها هي السبب
:- لو ماكنتش
روّحت البيت بسببها و سبب زنها يوميها ماكنتش شفت ، ماكنتش اتحرقت
و السر اتدفن
مع تحية ، و اتدفنت معاه الموكوسة ، اللي جريت ع السلم و هي عيلة بنت سته ،
لكن صوت أمها
نادها
:- هرب يا
أما خلاص متخافيش هنادي حد من الجيران يغتنا
:- اقفلي
الباب و تعالي سنديني يا توحة
و كانت آخر
مرة تناديها توحة ..
و كانت آخر
مرة تمسك في ايديها جامد ، جامد
و الوابور
فضي و انطفى ، و الدنيا عتمت
و لما امها
اتحركت كانت تحية خلصت كل البكا و الدموع
و بدرية لما
فاقت زي ما تكون ماتت و متكتبلهاش رجوع
بدرية لما
فتحت عينيها كانوا بدلوها بواحدة تانية تشبه أمها ، بس مش أمها
:- حسك عينيك
السر يتكشف ، لا أحنا جينا ، و لا كان ما بينا عركة ، و لا سر أبوكي إنكشف
:- و الحرق
يا امه ..
و الحرق سر
أمي اللي خبته الهدوم ، ولا على راجل إنكشف
: مافيش جنس
راجل يدخل بيتي ، لا لينا راجل و لا ولد
طاهرة العتبة
و لا الجوامع ؟
نأبكم على
شونة و الكل عارف و سامع
بدرية و
بناتها سمعة واصلة لحد السما ..
دنيا وسخة و
وسختها أكتر من كل اللي بيتقال
إتكسفتوا !
اللي بيزمر
بنايه مالوش دقن يخبيها
وسنية طايحة
و مع أمها قدوة في الملاوعة و الفصال
السمانة
بأتنين
و الورك
بأربعة
و فتح عينيك
.. قرب جرب
بس مفيش جنس
راجل يفوت ع العتبة
كلهم صنف
واحد .. عايزين قطم الرقبة
الورك بأربعة
و السمانة
بأتنين
إتكسفتوا !
سنية و عرفت
طريقها من يوم يومها حلوة ، و الحيا لا عمره عرفلها طريق باب
فاضل من
البنات بنتين
:- كله الا
الصغيرة أخر العنقود و رمش العين ،
جبرنا لا حأجيب بعديها بنات و لا بنين
أوعي تغيب عنك شمال و الا يمين
:- و أنا يا أمه ؟
:- موكوسة و
فقرية ..
:- و أنا يا
أمه ؟
:- تحية دي
قوية .. قال لا ليها في الرقص قال و لا الملاغية
تقول سنية ..
:- يا بت
اطلعي من دول عليا أنا .. اشحال كنتي بتناديني أمك لحد الإعدادية ..
أنا تحية ..
تحية
الوسطانية .. أما العلام كله فكان من نصيب علية
علية
الأخرانية .. حتة البدلة المتأمعة فينا .. رهان البيت بنسوانه الأربعة
:- و أنا يا
أمه ؟
:- كفاياكي
كلام .. قومي اتحركي كده .. متقعودليش و ايديكي مربعة
بيتنا نسوانه أربعة ...
( ومن بين
الجمهور تحمس مشاهد يسأل تحية الجالسة بينهم مستفسرا عن الرواية .. )
: طب و يا
ترى حبيتي طارق و إلا عباس ؟
: ( ضاحكة )
سرحان كده حيقفل الرواية ؟
: احنا في
الصالة .. احكي لنا الحكاية
حبيتي طارق و إلا عباس ؟
: حتة مني حبيت
طارق ...
أطل طارق
برأسه من الكالوس متجاوزا سرحان موجها حواره لعباس المختفي وسط الصفوف
: سمعت يا
عباس حبتني أنا ..
و لكن قبل أن
يكمل .. أكملت تحية جملتها
: و حته
تانية مني حبيت عباس
و هنا وقف
عباس من الصفوف الخلفية بتحد يوجه حواره
لطارق على الخشبة
: شفت ...
حبيتني ..
سألته مشاهدة
تجلس بجواره ..
: طب و فرق
السن بينك و بينها يا عباس
عباس :
بلاش نعيد و نزيد في موضوع السن ده
علشان لو بالسنين فأنا يمكن أكون صغير
لكن العمر ما بيتحسبش بالسنين
العمر بيتحسب بالضلمة اللي في السنين دي
العمر بيتحسب باللي احنا بنعيشه و نحسه و نشوفه و احنا جواها
و ساعتها أنا هأبقى أكبر بكتير
علشان أنا مش بس اتولدت في الضلمة
أنا من ساعة ما أتولدت و أنا عايش فيها .
من مكانها و
قد عادت للجلوس وسط الجمهور علقت حليمة بلهجة لا تخلو من عتاب
: و اتجوزتيه
يا تحية
فتجيبها تحية
بمسحة آسى
: و اتجوزته
يا حليمة
و قبل أن
يكملا .. سألت فتاة
: طب و
التمثيل .. هو أنتي كنتي عايزه تمثلي ليه يا تحية ؟
تحية :
عمري ما سألت روحي السؤال ده بجد
(مكررة السؤال على مسامعها تبحث له عن إجابة)
عايزة تمثلي ليه يا تحية؟
(بمسحة إبتسامة تكمل )
اه و النعمة عمري ما سألت روحي
(بعفوية توضح للجمهور و كأنما وجدت أول الحكاية ... )
و أنا عيلة صغيرة عرفت ان امي طردت أبويا
و ما عرفتش ليه!
بعدها قالولي أنها في المستشفى
و برضه معرفتش ليه!
مبقناش لاقين نأكل
و لقيتني و أنا عيلة صغيرة بقلد أمي في صوتها و مشيتها و حركتها
و من يومها
كل ما الدنيا تصرخ في وشي اهرب
فضلت أهرب
اقلد أمي مرة
و اختي مرة
فاتن حمامة مرة
و نادية لطفي مرتين تلاته
لحد ما وعيت و عرفت ان هو ده التمثيل
فقولت عايزه أمثل
.
لتفاجئ و
يفاجئ الجمهور بطارق و قد هبط من خشبة المسرح و أصبح بينهم
يخبرهم إجابة
لم يسأله أحد أن يجيبها ..
طارق :
التمثيل!
التمثيل بالنسبة لي كان إجابة على سؤال ايه قيمة الحياة
ايه هي الحياة
ايه دورنا فيها؟ و ايه قيمتها؟
كلنا ع الخشبة دي ممثلين و أدوار
و دوري فيها اني أبقى ممثل بيقول جملتين مش أكتر من جملتين
خشبة مسرح كبير على مدد الشوووف
و كل واحد مش راضيه دوره
و كل واحد فينا، كلنا و أنا منهم
(مصححا بآسى)
كنت
مستني الفرصة تصدق و يبقى هو البطل .
وكأنما تحمست
بعفوية للفضفضة .. تبدت سنية وسط الصفوف
تحاول التملص
من يد أشرف
شبندي و هو يسحبها بالقوة يجبرها على الصعود على خشبة المسرح
سنية
:أشرف يا شبندي سيب أيدي بقولك هو التمثيل
بالعافية
أشرف شبندي :
يا بت ده أنا جوزك هو أنا عدوك ..
طاقة قدر و أتفتحت لنا نرفسها
و ما أن وجدت
نفسها على المسرح تحوطها دائرة الضؤ حتى فضفضت سنية مستنجدة بالجمهور
سنية :
ظلم
و المصحف ظلم
اللي بيحصل ده ما يرضيش حد
انتوا ليه بتحملوني فوق طاقتي
مش طالبة منها الدنيا غير هو ده
نفسي فيه حرام عليكوا
حتة عيل و ربنا بيقبل التوبة و قالي رزقك يا سنية
دعيته و سامحني مغلوبة على أمري من يوم يومي و هو عارف هو الوحيد اللي عارف
تقولولي أسقط
!
أعلى ما في خيلكم كللللكم اركبوه
مش حاسقط
مش حاموته .
فيرتفع تصقيق
الجماهير من الصالة .....
و سرعان ما
يصمت التصفيق
و قد صعدت
بدرية على خشبة المسرح تسحب أشرف شبندي بعيدا عن سنية لتواجهه
أشرف شبندي:
خير يا حماتي ايه اللي جابك هنا من
أساسه ..
بدرية :
خير ده ايه، لا أنا ولا أنت حنجتمع
أبدا على خير، بس ربك راد
هما كلمتين تحطهم ف الحتة اللي تكيفك من جتتك
بناتي لقمتي، شقايا، سهر الليالي و
العمر اللي راح مش راجع و الخ الخ
سامع و الا أعيد؟
تفكر تمد بوزك علشان تلهف لقمة منهم لوحدك
همد أيدي جوا زورك و أطلعها
لكن هتمد ايدك علشان تأكل بالعقل
حلال علينا حسيبلك حته على خيرة الله و سنة رسوله و الصداق المسمي بيننا والخ الخ
( ضحكت
الصالة و ضجت بالتصفير و قد انقلب حالها لمزاج شعبي ... )
منتشيا .. من
رد الفعل أثنى أشرف على بدرية يطالبها بإعادة الإفيه ..
أشرف شبندي :
يا صلاة النبي أحسن .. عيدي يا
حماتي عيدي البقين دول
شكلك الليلة دي الكيت بتاعك حيغطي على بناتك
بدرية :
يا أخويا اتوكس كده أوعي من وشي
( يزيد ضحك
الصالة .. و لكنها تغادر الخشبة دون أن تعبء بردود الفعل ..
تسحب في
طريقها علية تمنعها من الثرثرة مع الناقد ..
بدرية:
فوتي قدامي إنتي روخرة
علية:
يا ماما بس لسه ما إتكلمتش ..
بدرية :
ابقي اكتبيهم الكلمتين يختي في الجرنان و خلي سي المحروس ينشرهم لك ..
علية :
يا ماما ..
بدرية:
امشي قدامي ..
وسط الهرج في
المسرح و الصالة بحث طارق بعينه عن تحية فلم يجدها ..
طارق :
تحية .. تحيييية ...
انتبه عباس
من مكانه .. فأخذ يناديها هو الآخر ..
عباس :
تحية .. تحية
ارتفع صوت
الجمهور وهو في طريقه للمغادرة ينادي عليها ..
تحية .. تحية
... تحية
وسط الحركة
زعق سرحان ..
سرحان :
نزل الستار .. ..
بينما تتداخل
أصواتهم ... كل يبحث عن الآخر
طارق :
تحية .. تحية
عباس :
علية ... علية
حليمة :
عباس .. انت فين يا ابني
كرم :
حليمة .. استني يا حليمة
سرحان :
نزل الستار ..
( إظلام )
وهكذا يسدل الستار
حيث تتداخل شخوص رواية نجيب محفوظ فيما بين خشبة المسرح و الحياة .. تتداخل
تواريخ الشخصيات و تتقاطع مصائرها و ماضيها ليصبحوا هم ذاتهم الجمهور و الممثلين
وأبطال رواية أفراح القبة نشاهدهم و نسمع منهم أوجه مختلفة لذلك الماضي الذي يرونه
في حلقات تليفزيونية مسلسلة تدور أحداثها داخل المسرح و خارجه و على مدار ما يزيد
عن ثلاثين عام في عمر القاهرة في الخمسينيات و الستينيات و السبعينيات من القرن
الماضي .